بسم الله الرحمن الرحيم
إن كثيرا من الناس يعيش في هذه الدنيا بالمكر، فتجده يتعامل مع زوجته بالمكر، مع أبيه بالمكر، مع مديره وزميله في العمل بالمكر، مع جاره ومن حوله بالمكر..
فيظن أنه يستطيع أن يمكر بالله!
كلمة خطيرة لابن الجوزي يقول فيها:
إنك كثيرا ما تسمع هذه الكلمة:
"هل بلغك ما قيل فيك؟" "هل عرفت ماذا يحكى عنك؟"
وإنك تلقى في حياتك الذي يسيء الظن فيك، والذي يُحَمِّل كلامك ما لا يحتمل.. وللأسف الشديد دب هذا الخلق السيء بيننا معاشر الملتزمين.. فجرح الأصاغر الأكابر، وصرت تسمع اتهامات، وردودا، وصرت تفاجأ بتسجيلات ومقاطع، و..
وضاع بين هذه الأمواج المتلاطمة معنى...
الطريق إلى الله كالطريق الحسية تماما.. تجد فيها منحنيات خطيرة، ومطبّات مرهقة، وكباري علوية.. كما تجد أحيانا على جنبتي الطريق حدائق فاتنة وسبلا متفرعة.. ومن لم ينتبه لمثل هذه، ولم يقده للخروج منها خبير بصير ضل -ولابد- في الطريق أو انقطع.
قد يصادف السائرُ في طريقه نفقا مظلما لا يستطيع أن يميز فيه طريقه من الطرق الأخرى، ما لم تكن أضواء اليقين كاشفة، ومسالك الطريق معروفة،كيلا يضيع السائر مساره، أو يتناثر أشلاء تحت وقع الحادثة، أو يسرف في التفاؤل عندما يبصر نورا في آخر النفق قد يكون وهم سراب.
وفي الطريق أيها السائر الحبيب – جسر لابد من تجاوزه وعبوره، إذ إن هذا شأن السالكين إلى الله – تعالى- في كل زمان ومكان، بل و هو من شأن الأنبياء والمرسلين.. ذلكم الجسر هو..
هناك من يعكس القواعد الشرعية في وضعه قائمة الأولويات، ليس شرطاً أن تكون عنده مكتوبة، ولكنها عنده مُقَعَدة مُؤَصَلة في نفسه، إنه إذا تعارض النوم مع حضور درس العلم، قدم النومَ، وإذا تعارض العمل مع مجلس الذكر قَدَم العمل، وإذا تعارض وقت طبيبة المرأة مع وقت قراءته للقرآن قَدَم العلاج، وإذا تعارض وقت مجاملات من أفراح أو زيارات... إلخ مع عمل أخروي قَدَم كل ذلك!!
إنها عكس القواعد الشرعية في تفاصيل الأعمال الإيمانية!
دائما يبدأ بالمفضول على الفاضل، وبالمرجوح على الراجح، وبالأدنى على الأعلى، يترك الأَولى ويتبع الرخيص، فيوشك أن يتزندق!
عنده تنقلب الأسس والموازين، وتنعكس المناهج والسبل، فتحتاج البدهيات إلى أدلة وبراهين، إنه مرض القلب وداء النفس الخطيرة.
يقول ابن الجوزي عليه رحمةُ الله:
يا هذا، طهر قلبك من الشوائب؛ فالمحبة لا تلقى إلا في قلب طاهر، أما رأيت الزارع يتخيرُ الأرض الطيبة، ويسقيها ويرويها، ثم يثيرها ويقلبها، وكلما رأى حجراً ألقاه، وكلما شاهد ما يُؤذي نحّاه، ثم يلقي فيها البذر، ويتعاهدها من طوارق الأذى؟
إنك أيها الموحد، وأنت تحتفل هذه الأيام بالعيد قد تتساءل: " لماذا أحتفل و أفرح و أسعد؟ ما السر ؟
و إليك الجواب:
جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب وقال: "لقد نزلت في كتابكم آية لو علينا معشر يهود نزلت، لاتخذنا يومها عيدا" قال: "و أي آية تلك؟" قال : قول الله :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} قال عمر: "إني لأعلم متى نزلت، وأين نزلت،لقد نزلت يوم عرفة والرسول قائم يوم جمعة بعد العصر على دابته".
هل توصلت إلى سر العيد؟ إنه كمال دين الإسلام ، هذا الدين الذي فرط فيه اليوم المسلمون
شكلك دليل عقيدتك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "المؤمن مرآة المؤمن"
لذا، فلا تتوقع أن تسلم على الشيخ دون أن تنال منه نصيحة!
وأول ما تراه في المرآة وجهك..
{لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد، فهذه لقطة يومية، فيها فوائد تربوية:
قبل أذان المغرب من كل يوم في رمضان، وفي الحرم المكي الشريف يكثر الخير، ويتنافس الكرام في إطعام الطعام..
(بصوا) للكعبة!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد، فعلماؤنا مع علمهم، وأدبهم، وحزمهم: أذكياء..
قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]
قال ابن عباس: "للمتفرسين"، قال السعدي: "الذين لهم فكر وروية وفراسة