نحن فى زمن المسخ كلمه قيلت من قبل الفنان الكبير عادل امام
فكم منا فهم معنى هذة الكمله
هل قيلت من اجل معرفه عادل امام بما يدور بين باقى الطكبقات من احوال او قيلت على اساس اللى بنشوفه فى التلفاز يوميا
لست خبيرا في السينما أو الإخراج...لكني أتحدث كمشاهد عادي...شاهدت بالأمس فيلم عمارة يعقوبيان...فيلم رائع فعلا...أول ما الفيلم خلص قلت للي قاعد جنبي "الواحد بقى له كتييييييير مشافش سينما مصرية بجد"...هذا الفيلم يذكرنا بأيام ما كان عندنا سينما بجد...سينما عاطف الطيب ويسري نصر الله والناس الجامدة دي...مروان حامد قدر ينقل الرواية لفيلم بشكل سلس وسهل جدا...وكل شخصية ظهرت بطريقة رائعة...
كثير من الجمل في هذا الفيلم تختزل الواقع المصري...على سبيل المثال جملة بثينة (هند صبري) "البلد دي مش بلدنا يا طه"....لهذه الدرجة فقد المصريون شعورهم بالانتماء!!! لا اتخيل كيف يعيش الانسان بلا هوية...الانتماء يمثل هوية كل واحد منا...هو الذي يعطي للفرد معنى ووجود...وحين يفقد الانسان شعور الانتماء هذا فهو انسان بلا قيمة فعلا...أيا كان السبب الذي دفعه لكي ينكر هذا الانتماء...وهل هو مذنب أم لا...لكن في النهاية انسان بلا انتماء يساوي انسان بلا قيمة....
"دي بلدنا واحنا عارفينها كويس"...هذه الكلمة جاءت على لسان يوسف داوود (المحامي) وهو يشرح لزكي الدسوقي وكريستين الفرنسية عن وضع القانون والقضاء في البلد....لكم المتني هذه الكلمة فعلا...دي بلدنا واحنا عارفينها...عارفين انها بلد زبالة...وانها "مش عاوزة مهندسين...البلد دلوقتي عاوزة صيع"...عارفين انها بلد القوادين والشواذ...بس عاملين زي النعام ودافنين راسنا في الرمل وعمرنا ما حاولنا نحل اي حاجة من اللي احنا عارفينها....
واخيرا تأتي جملة زكي الدسوقي (عادل امام) وهو يصرخ بأعلى صوته في ميدان طلعت حرب...في قلب القاهرة - أو التي كانت قاهرة - "احنا في زمن المسسسسسسسسسخ" لتختصر كل ما يمكن ان يقال في وصف الحالة الراهنة....
فعلا نحن في زمن المسخ...نحن في بلد العسكر...نحن في زمن تساوي فيه قيمة غريق العبارة 300 ألف جنيه فقط...نحن في زمن يقتل فيه جنودنا على الحدود وفي اليوم التالي نصافح رئيس وزراء إسرائيل - وأمل دنقل يروح يخبط دماغه في اتخن حيط - نحن في زمن المسرطنات...في زمن عجزنا فيه أن نبني عمارة بفخامة عمارة يعقوبيان...فأصبحت المباني كعلب الكبريت... باختصار هوفعلا زمن المسخ
من المشاهد المؤثرة للغاية مشهد تعذيب طه الشاذلي، على الفور تذكرت محمد الشرقاوي....مشهد لا يحتمل التعليق من الأساس...
أما الطامة الكبرى فهي كلمة الحاج عزام (نور الشريف) التي يكررها بمناسبة وبدون مناسبة "انا راجل عارف ربنا كويس"...يا اخي ربنا ياخدك انت والمنافقين أمثالك!!! هذه الكلمة التي أصبحت تلوكها الألسن في مجتمعنا المنافق ولكن الأفعال تختلف عنها تماما...الحاج عزام يمثل النفاق المستشري في مجتمعنا المصري...حتى أصبح التدين مجرد مظاهر وكلمات فارغة من أي مضمون أو أفعال صادقة...
وعلى الرغم من جمال الإخراج والتصوير والموسيقى...إلا أن صديق لي لاحظ غلطة تحسب على مروان حامد، و تذكرنا بساعة الناصر صلاح الدين...هذه الغلطة في مشهد مقتل ضابط أمن الدولة على يد طه الشاذلي...بعد أن أفرغ طه رصاصات المسدس في صدر الضابط...تأتي الكاميرا على جسد الضابط الملقى على الأرض وصدره مغطى بالدماء، لكن –ويا للعجب- لا توجد في القميص قطعة واحدة من أثر الرصاصات!!!! يلا الحلو ميكملش يا مروان!!!
لكن في النهاية هذا الفيلم يمثل ثورة في عالم السينما المصرية - عقبال عالم السياسة يارب - وفي رأيي أن سر نجاح الفيلم هو أن كل شخص شارك في الفيلم كان يعرف دوره جيدا ويؤديه بإخلاص...ولم تظهر مسألة النجومية في الفيلم لممثل بعينه....الجميع فعلا كانوا نجوم...بما فيهم الكومبارس...وبما فيهم يحيى الفخراني الذي قام بصوت الراوي في بداية الفيلم، ولم يرفض مثل هذا الدور البسيط جدا لأنه فعلا فنان ويعلم أن قيمة العمل ليست في الظهور على افيش الفيلم....
الملفت للنظر أن الجمهور المصري لسة مش واخد على هذه النوعية من الأفلام ...وده طبعا مش سهل لأنه صعب جدا على جمهور كان متابع اللمبي لعدة مواسم إنه يستوعب فيلم بهذا النضج - ولا أقصد هنا التقليل من قيمة الجمهور، لكن أقصد كيفية تفاعل الجمهور وتلقيه لمشاهد الفيلم - كان الجمهور متفاعل جدا مع شخصية حاتم وتلاقي كل السينما مليانة ضحك وتعليق بل وتصفيق حين يأتي مشهد لخالد الصاوي - الذي أجاد الدور بإتقان شديد - في حين لا ترى مثل هذا الحماس حين يهتف عادل إمام أمام تمثال طلعت حرب "احنا في زمن المسخ" - بصراحة انا ساعتها كنت عاوز اسقف - ولم أجد هذا الحماس من الجمهور في مشهد تعذيب طه الشاذلي، أو غيره من المشاهد المؤثرة فعلا والتي تعكس التناقضات التني نعيشها... لكن لاحظت أن الجمهور يحاول أن يبحث بين طيات الفيلم عن أي مشهد كوميدي أو مضحك، مع ان الفيلم لا يحتمل وكل المشاهد المضحكة هي مشاهد واقعية وليست مختلقة أو موظفة في إطار الفيلم، بل هي مشاهد عادية جدا تحدث في الواقع ونضحك عليها...لكن على أية حال فنجاح الفيلم وتفاعل الناس معه ينسف الحجة التي مللنا سماعها من صناع السينما في مصر بإن "الجمهور عاوز كده"...هذا الفيلم يثبت أن الجمهور في حاجة للمزيد من هذه الأفلام التي تعكس واقعه وتفضحه بشكل ناضج وواعي... هذا الجمهور يحتاج سينما الفن الحقيقي التي يقوم فيها كل ممثل بدوره مهما كان حجم هذا الدور، ليصل للمشاهد في النهاية فيلم متكامل ورائع يصنع سينما نظيفة حتى ولو كنا في زمن المسخ..
