تجلت شموس الصباح مرسلة أشعة لا تزال باكية فالركب لم يدركها حين رحل وظلت تعاني القبوع في زوايا الحزن وحين اعتصرها الفراق والبعاد
تقطعت وهلت مشرقة على وجوهنا فبدى الزمن الماضي على صمتها..
لم تكن ساعاتها القصيرة في حافلة اليأس تمضي حتى لمحت من بعيد كوّة فيها مصباح تتراقص أشعته يمنة ويسرة وتعرض لمساحات من أشلاء
الحرب الجافة من جانب وفي الجانب الآخر لغابات من لوز لا يزال على أمه...تذكرت جارها يوم أخبرها أن مفتاح القصيد في رحلات الصيد تعلم أبجدية الضرب بالنار ولكن كلما تقدمت مستويات الحروب تتلعثم بارودته بفيروسات مبحوحة ومنذ ذلك اليوم وهي ترسم صورا للشمس بكل الأشكال الهنسية..
هكذا ودعها بعد أن قبل جبينه..ا وكم كانت تقول له تقبيل الجبين للوالدة فيقول لها: أنت أمي التي لم تلدني أحبك بشغف الصغار وحرقة الكبار..
مضى ثلاثون عاما على غيبته وراء الشمس فعرفت أن أمنيته أن تستطيل الشمس بدل استدارتها لعلها تصل إلى مساحات أوسع من فراغات العقول.. تلعثمت القهوة المصبوبة في فناجين عينيها حين رأته مقبلا بنظراته القاطبة وببريق الضوء من شمسه خفضت رأسها كي تستر عينيها بذبول شعرها الذي روضته عذوبة لمساته الحانية
بحة الصوت الرتيب في غضبته تنبيئ بأنه قذف حقائب السفر بعيدا وفتح ذراعيه مع ابتسامة الألق في حضنها الدافيء وسار على مقربة من قبور الطغاة يلعن آخر طلقة لا تزال تقبع في قدمه الأقصر..
ناولته جريدة الصباح فرماها ورمى عنها شالها الدافيء ليندس تحت وسادة أحلامها وغمس أصابعها في صحن العسل وأعطاها وردة تألقت شاشة قلبها فقرأ في عينيها أخبار العالم وانزوى يرسم برنامجه القادم أمام موجات البحر التي كسرتها نبضات الغروب..
نظر طويلا في جيدها الممدد على قارعة الطريق وسألها كم تحبين هذا الثوب المطرز بأغاريد الفرح مذ عرفتك لم تخلعيه قالت وهي تتلوى على ذراعه المقطوعة: لم أشأ نسيان الأمان داخل فراش الأرض الثكلى أو تحت غطاء السماء الباكية إنه قدري
مسح دموع قلبها النازف بكفه اليمنى فقبلتها لهفة بل واحتضنت بقاياها بصمت ولوعة وحركت مشاعره بسؤالها ألا تزال تحبني؟ قال لها: أغمضي عينيك أيتها الوادعة..
ففتحت قلبها على مجموعة من أمنيات المحبة الزاخرة حين طلق دنياه إلى آخرتها فاحتضنته ولم تزل ترقد على قبره بينما ترسل الشمس أشعتها..
لأيام لا تزال على ذمة التحقيق..