يقول الرجل الذي تعتلي تجاعيد الزمن قسمات وجهه ويغطي شعره ذاك اللون الثلجي وتظهر أمام عينيه نظارة طبية: يا ابني هيه أيامكم دي فيها حب. الحب دا كان زمان على أيامنا إحنا.. أيام سعاد حسني وعبد الحليم.. ويوسف السباعي.. أيام ما كانت الناس بتقرأ روميو وجولييت وقيس وليلى وكانت الناس تحفظ شعر الرومانسية.. إنما أنتم جيل التيك أواي, حبْ واجري وكأنكم خايفين من حاجة.. دا إنتوا حتى أغانيكم الرومانسية بقت كلها خبط ورقع.. بالذمة في حب في زمنكم دا؟!
أندهش أنا الشاب المنتمي للألفية الجديدة من كلام الرجل, نحن بالفعل في زمن التيك أواي والعالم قرية صغيرة ومفيش وقت ويلا بسرعة وكل الكلام دا, لكن الحب دا إحساس والإحساس أساسه لا يتغير بمرور الزمن.. فالحب حب.. والكره كره.. والسعادة كما هي والحزن أيضا..
لا أعتقد أن إحساس الحب قد اختلف على تلاحق الأجيال ولا أظن بأنه سيختلف أو يتغير يوما ما.. الحب مثل النبتة الصغيرة التي ما إن توفر لها المناخ والظروف المناسبة حتى تكبر وتنتج ما تنتظره والأمر سيان.. سواء زمان أو الآن, فالأصل هو الظروف والمناخ وليس الزمن..
نعم كان لديكم روميو.. وليلى.. ومريم فخر الدين.. ورشدي أباظة.. وكان حبكم دائما في النور فالمجتمع كان يسمح بالحرية وباحتمال كافة الأفكار والتيارات, ورغم أننا الآن نمر بمرحلة انغلاق فكري.. ورغم كل الظروف التي نمر بها نحن الشباب.. ورغم جم مصادر اليأس والإحباط.. لدينا قصص حب رائعة ولدينا ألف ألف حبيب وحبيبة.. ولنا في الحب الحقيقي نصيب مثل ما أوتيتم..
ربما تقهر الظروف كثير منا وتكون أقوى منه وتجبره على إنهاء العلاقة ولكن يبقى الحب ساكنا قلوب العشاق مهما مضى الزمن.. نحسدكم على أيامكم فقط لأنكم كان لديكم الوقت كي تستمتعوا بالحب, أما الآن فإن أحببت فعليك أن تنجز وتسرع وتحارب طواحين الحكومة والظروف كي تخطف حبيبتك في أوتوبيس 14 وليس فوق الحصان الأبيض.. أرأيتم لماذا نحسدكم؟! نحسدكم فقط على وقت كان الحب فيه نجما لامعا.. أما الآن فالحب يختفي تحت ألف ساتر.. ويعرقل بألف عائق.. لكنه بالتأكيد موجود بشكل مختلف وإحساس يتفق مع إحساس الحب القديم.