وديع عواودة-الناصرة
أكدت باحثة إيطالية أنها تسعى لمواصلة مشروع الرحالة الإسلامي ابن بطوطة في التعريف بالشعوب بترجمة أعماله للغة الإيطالية والتي فازت فيها بجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة في الرياض الأسبوع الماضي.
وقالت كلاوديا ماريا تريسو -التي التقتها الجزيرة نت أثناء زيارة لها لمدينة الناصرة داخل أراضي 48 للقاء أصدقائها-إن ابن بطوطة عالم صالح جال العالم رغبة في التعرّف على الشعوب ليقص تقاليدهم وعاداتهم للأجيال القادمة "وأرجو أن يكون نقلي لتلك الرحلات من العربيّة للإيطاليّة حلقة من حلقات هذه السلسلة في سبيل السلام والاحترام المتبادل".
وأضافت الباحثة -التي فازت بالجائزة السعودية مناصفة مع كاتب مغربي ترجم مقدمّة ابن خلدون من العربيّة إلى الفرنسيّة- أنها معجبة بالحضارة العربية الإسلامية كونها آمنت أكثر من أية حضارة أخرى بقيمة الترجمة وبذل أبناؤها كل ما لديهم من طاقات وكفاءات حتى يتحقق التعارف بين الشعوب رغم اختلاف لغاتهم.
حب للعربية
وتعبر كلاوديا عن حبها للغة العربية بقولها إنه إذا كانت الإيطاليّة هي لغتي الأم فإن العربية هي لغة القلب، وعن اختيارها كتاب "رحلة ابن بطوطة" وترجمته للإيطالية عبرت عن اعتقادها بأن اللغة العربية تعكس قيم الحضارة العربية الإسلاميّة وخاصة التواصل بين الشعوب والتعرف على عاداتهم.
وتستطرد "هذا مهم جدا في هذه الأيام التي يكثر فيها الحديث عن صراع الحضارات باعتقادي أننا في أمّس الحاجة لمعرفة حقيقة أن ابن بطوطة ما زال ينقل للعالم رسالته الإنسانية وعنوانها التعارف هو السبيل إلى الاحترام المتبادل".
وعن مشوارها مع اللغة العربية قالت تريسو إنها بدأت تتعلم لغة الضاد بالتكلم مع الطلاب العرب حيث تعمل محاضرة في جامعة تورنتو الإيطالية قبل إصدارها سلسلة ابن بطوطة عام 2006.
كلاوديا تريسو: ابن بطوطة ما زال ينقل للعالم رسالته الإنسانية (الجزيرة نت)
وتوضح كلاوديا أنها سبق وترجمت قصة لإميل حبيبي ومؤلفات لكاتبات جزائريات يكتبن بالفرنسية وكتبا أخرى للكاتبة آسيا جبار وملك المقدّم وللمستشرق لويس ماسينيور المختص في موضوع الحوار بين الأديان.
احترام الإنسان
وترى كلاوديا أن ابن بطوطة كان الرحالة الوحيد الذي كرّس جهده في احترام البشر ووصفته بأنه لم يكن رجلا تثقيفيا بقدر ما كان رجلا يبحث عن الإنسان "إذ إنه لم يتكلم في رحلاته تلك عن الأشخاص المهمين في المجتمعات بل عني بالبسطاء وهذا غريب جدا بالنسبة لأدب القرون الوسطى".
وتشيد بمساهمة ابن بطوطة في رسم ملامح الحياة اليوميّة البسيطة وتعتبر رحلته مهمّة جدا "لأنها بخلاف كتب التاريخ الأخرى الزاخرة بالمعلومات عن الملوك والحكام والحكماء تروي تفاصيل الحياة الاجتماعية وحياة النساء بل حتى أساليب لعب الأطفال في العصور الوسطى".
وتشير كلاوديا التي تدرّس النحو وقواعد اللغة في الجامعة إلى أن النسخة الثانية من ترجمة رحة ابن بطوطة ستصدر قريبا وكشفت أنها تعد لإصدار قاموس إيطالي عربي للكبار وآخر للطلاب في المراحل الابتدائيّة أيضا مساهمة في تعلّم اللغة العربيّة للناطقين بغيرها.
كما تشير إلى الحاجة للتواصل بين الثقافات وتدعو المعلمين الأوروبيين إلى الاطلاع على ثقافة ولغة وحضارة طلابهم العرب وتشرح "أن لكلمة (محمد) على سبيل المثال أهميّة في حياة كل عربي ومسلم لأنه اسم لإنسان عظيم ساهم في تغيير التاريخ البشري وهو نبي الله, ولا شك أن الاسم ينعكس على الشخصيّة أيضا".